ديسمبر 10, 2024

اذاعة صوت المهاجر الاعلامية

اذاعه سياسيه اخباريه ثقافيه تهتم بالشأن العالمي والعربي والعراقي

“احتلال التاريخ”.. 4 خرافات تروجها إسرائيل عن نفسها الجزء الاول


“احتلال التاريخ أخطر من احتلال الأرض.. والعلم كله لصالح فلسطين وتاريخها الأثري الصريح”.

بهذه الجملة استهل الأكاديمي العراقي خزعل الماجدي، المُتخصص في علم وتاريخ الأديان والحضارات القديمة، محاضرة بعنوان “الشعوب التي سكنت فلسطين” ⑴ نُشرت على قناته الرسمية بموقع “يوتيوب”. ويشير فيها الماجدي إلى أن هدف إسرائيل لم يكن احتلال الأرض فقط، بل تزييف التاريخ بما يخدم مصالحها الاستعمارية، ولهذا ظهر تيار “علم الآثار التوراتي” -المصنف أحد فروع علم الآثار الزائف، الذي يهدف للكشف عن أدلة تثبت وجود يهود في فلسطين الفترة التي تلت خروج بني إسرائيل من مصر، وبالتالي تفسير الآثار الفلسطينية بما يخدم الرواية التوراتية.

أما المؤرخ المصري الدكتور خالد فهمي، أستاذ التاريخ في جامعة تافتس الأميركية، فيقول إن الأمر لا يتوقف عند تزييف تاريخ الأرض، بل تتشعب تلك المرويات ⑵ الكاذبة لتشمل التاريخ الحديث والمعاصر، بما في ذلك تاريخ نكبة 1948 وحرب يونيو 1967 وحرب أكتوبر 1973، وهذه السردية الزائفة تُدرَّس لأبنائهم في المدارس الإسرائيلية وتساهم في صنع هويتهم، باعتبارها التاريخ المعترف به من قبل دولة إسرائيل.

نستعرض في هذا التقرير 4 سرديات رئيسية يقدم من خلالها الاحتلال الإسرائيلي روايته الزائفة للتاريخ والجغرافيا.

الخرافة الأولى: فلسطين دولة يهودية منذ أكثر من 3000 سنة

“الله أعطانا هذه الأرض، لأنها ذُكرت في النصوص المقدسة التوراتية”.

لا ينظر الإسرائيليون إلى أرض فلسطين باعتبارها أرضا محتلة أو مغتصبة، بالنسبة إليهم هي “هبة إلهية” ⑶ وحق مكتسب يجعل منهم أصحاب الأرض الأصليين، ولهذا يؤرخ الصهاينة لأرض فلسطين على أساسٍ ديني توراتي لا علاقة له بعلمِ الآثار الأكاديمي كما سنذكر لاحقا، لكن دعونا أولا نتعرف على الأدلة التي يستندون إليها في مزاعم أحقيتهم بالأرض.

نجد هذا الأمر جليا في إحدى حلقات ⑷ برنامج “The Ben Shapiro show” الذي يجادل فيه الناشط الأميركي الصهيوني بن شابيرو أن تاريخ اليهود في أرض فلسطين ضارب في القدم، ويستدل على ذلك بالكتابات التوراتية فيقول: “وفقا للكتاب المقدس” يرجع تاريخ العبرانيين في أرض فلسطين إلى قرابة 1400 سنة قبل الميلاد، وهو تاريخ يستندون فيه إلى حدثين رئيسيين، الأول خروج بني إسرائيل من مصر، والثاني عودة العبرانيين إلى كنعان التي يعتبرونها أرض آبائهم وأجدادهم، بحسب ما جاء في نصوص ⑸ العهد القديم.

طوال العقود الفائتة، استخدم السياسيون الإسرائيليون تلك المزاعم والادعاءات الكاذبة لنفي “صفة الاحتلال” عن أنفسهم؛ مبررين ذلك بأنه لا وجود للاحتلال إذا كان اليهود يعودون إلى أرضهم الأصلية. ومن هذا المنطلق يتماهى بن شابيرو في تفسير التاريخ من وجهة نظرٍ دينية بحتة لا علاقة لها بالعلم أو بتاريخ الشعوب التي سكنت هذه الأرض، قائلا: “أما الإسلام ديانة العرب الفلسطينيين فلم يكن قد ظهر إلا في القرن السابع الميلادي”، وكأنه بذلك ينفي أحقية الفلسطينيين في الأرض لكون الإسلام ظهر في وقتٍ لاحق للديانة اليهودية أو كأن التاريخ يكتب بواسطة المرويات اللاهوتية للإسرائيليين.

أفضل رد على هذه السردية، جاء من عالم اللاهوت الأميركي توماس طومسون الذي قام بتفكيك التاريخ التوراتي وتتبع المرويات الإسرائيلية ودحضها جذريا، وذلك في كتابه “التاريخ القديم للشعب الإسرائيلي” ⑹، فيقول طومسون إن التاريخ المبكر لأرض فلسطين أتى خاليا من أي دلائل أثرية تشير إلى وجود إسرائيل أو يهودا في تلك الفترة من العصر الحديدي الثاني التي يُفترض أنها كانت شاهدة على قيام مملكة بني إسرائيل الأولى.

يؤكد الدكتور خزعل الماجدي ذلك في محاضرته المنشورة على موقع يوتيوب تحت عنوان “تفنيد الرواية التوراتية” ⑺، قائلا إن السجل الأثري لأرض كنعان أتى خاليا من أي أثرٍ يثبت قصة الخروج كما جاءت في الكتاب المقدس اليهودي. ويضيف الماجدي أن الاكتشافات الأثرية المُعلن عنها من قِبَل علماء الآثار التوراتيين لا تزيد على كونها شقفات فخار من هنا وهناك، بلا نصوص مكتوبة أو دلائل مادية واضحة تدعم ما يدعونه من مزاعم تاريخية.وكان الماجدي قد رصد في مؤلفاته تاريخ الشعوب الأصلية التي سكنت فلسطين، وعدهم كالآتي: الأموريون والكنعانيون والشوتو والبلستو والعرب، أما اليهود فلم يكونوا سوى أقلية عاشت بين القبائل المتعددة التي سكنت فلسطين، وذلك وفقا لما تناوله الماجدي في محاضرتين منفصلتين عن تاريخ شعوب فلسطين من عصور ما قبل التاريخ والعصر البرونزي والعصر الكلاسيكي والهيلينستي والروماني، وصولا إلى العصور الراهنة وأزمة القضية الفلسطينية الحالية.

YouTube
YouTube