في سياق معركة “طوفان الأقصى” والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي أعقبها، أعلنت بعض الدول الأفريقية دعمها للشعب الفلسطيني، في حين وقفت دول أخرى على النقيض تماما من هذا الموقف، وأرسلت الرسائل وأصدرت البيانات للتنديد بهجوم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس) على مستوطنات غلاف غزة.
أما غالبية دول القارة، فقد أصدرت مواقف دبلوماسية مثل إدانة قتل المدنيين من الجانبين والدعوة إلى التفاوض ووقف إطلاق النار.
على الحياد
مع بداية معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أصدر رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، بيانا ناشد فيه الطرفين بالتوقف عن القتال والعودة إلى طاولة المفاوضات دون شروط، وأشار إلى أن عدم حصول الفلسطينيين على دولة مستقلة هو أحد أسباب التصعيد الدائم في المنطقة.
كذلك، حضر فكي اجتماعا مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، صدر على إثره بيانا مشتركا من الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية مطالبين بفتح ممرات إنسانية والوقف الفوري للأعمال العسكرية في غزة، كما حذر البيان من الاجتياح البري لغزة الذي “قد يفضي إلى إبادة جماعية غير مسبوقة”.
أما في قمة السلام التي عقدت في القاهرة قبل أيام، أعلن فكي تمسكه بالبيان الأول الصادر عن الاتحاد الأفريقي الذي يدعو لوقف “العنف من الطرفين والعودة إلى المفاوضات على أساس حل الدولتين”.
كان لدول مثل تنزانيا وأوغندا موقف مشابه لموقف الاتحاد الأفريقي، إذ دعت تنزانيا إلى وقف أعمال العنف من الطرفين والدعوة إلى السلام
كما دعا الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني للعودة إلى حل الدولتين وحل المشاكل عبر الحوار.
وتربط أوغندا علاقات قوية وقديمة مع إسرائيل، فكثيرا ما استعانت بالخبرات الإسرائيلية في القمع لمواجهة الانتفاضات الشعبيّة.
وأما إثيوبيا، الدولة صاحبة الارتباط الأقوى والتاريخي مع إسرائيل، فلم تبدِ موقفا صريحا من الحرب الدائرة في قطاع غزة حتى الآن.
دعم إسرائيل
انضمت كينيا إلى بقية العالم في التضامن مع دولة إسرائيل، وأدانت بشكل لا لبس فيه -ما وصفته “الإرهاب والهجمات على المدنيين الأبرياء في البلاد”، هذا ما عبر عنه الرئيس الكيني وليام روتو -على حسابه في منصة إكس- واعتبر هجوم كتائب القسام على مستوطنات غلاف غزة “عنفا غير مبرر” على حد تعبيره.
يذكر أن كينيا تمتلك علاقات رسمية قوية مع إسرائيل، حيث زار الرئيس الكيني روتو إسرائيل في مايو/أيار الماضي، وأكد على عمق العلاقات بين الطرفين وسعيه المتواصل لتقويتها.
كينيا ليست الدولة الوحيدة المتضامنة مع إسرائيل، إذ أعربت غانا عن موقفها الداعم لإسرائيل و”حقها في الوجود والدفاع عن النفس”. وبصفتها عضوا مؤقتا في مجلس الأمن، امتنعت غانا عن التصويت لصالح مشروعي قرارين لوقف إطلاق النار في غزة، أحدهما روسي والآخر برازيلي.
يرجع موقف غانا إلى علاقتها الوثيقة بإسرائيل، وقبل 3 أشهر افتتح وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين منتدى الأعمال الإسرائيلية-الغانية، وهو المنتدى الاقتصادي الأول من نوعه في القارة، والذي يبحث تعميق التعاون الاقتصادي فيما بين الدولتين في مجالات المياه والزراعة وتطوير المشاريع.
وكان للكاميرون والكونغو الديمقراطية مواقف مشابهة، فأعلنت دعمها لإسرائيل في ظل ما أسمته “الهجوم الإرهابي على أراضيها”، وأرسل كلا الرئيسين بول ميا رئيس الكاميرون، وفيليكس تشيسكيدي رئيس الكونغو الديمقراطية، تعازيهما للقتلى الإسرائليين.
دعم فلسطين
حافظت دولة جنوب أفريقيا على موقفها الثابت من القضية الفلسطينية، واللافت أن التضامن مع فلسطين لم يكن رسميا فقط، إنما شعبيّ أيضا، حيث تتواصل المسيرات والمظاهرات في مختلف المدن تضامنا مع فلسطين بشكل شبه يومي.
ومما يشكّل الدافع الأساسي للتضامن الشعبي مع فلسطين، أن الشعب الجنوب أفريقي يرى ما يحصل في فلسطين على أنه نظام فصل عنصري، مثل الذي تعرضوا له على مدار سنوات طويلة.
رسميا، فقد دعت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور، الحركات النقابية إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية. كما أكد رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، دعمه للقضية الفلسطينية، حيث ظهر في فيديو يرتدي الكوفية الفلسطينية، ويطالب بالوقوف مع الشعب الفلسطيني.
أما في السنغال، فقد طالبت الحملة السنغالية للدفاع عن القدس وفلسطين، المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق في جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
كما دعت كل الفعاليات الشعبية والرسمية في السنغال إلى التضامن مع الشعب الفلسطيني وإسناده، وترأس السنغال لجنة الأمم المتحدة للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.
الدول العربية
وبالنسبة لعرب أفريقيا، كان الموقف العام مساندا للشعب الفلسطيني، إذ أكدت الجزائر على موقفها التاريخي من القضية الفلسطينية، وتحفظت على البيان الختامي لاجتماع وزراء الخارجية العرب، بسبب مساواته لحق الشعب الفلسطيني بممارسات إسرائيل.
وحملت تونس نفس الموقف الجزائري، إذ أعلن الرئيس قيس سعيد عن تضامنه الكامل مع الشعب الفلسطيني، كما أكد وزير الخارجية التونسي أن الحل يكمن في توحد كل العرب للتصدّي للحرب الواقعة على غزة.
كذلك صرّح رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية عبد الحميد الدبيبة، بأن ما يحصل في غزة هو جريمة حرب مكتملة الأركان، وأدان الانحياز الغربي لـ”إسرائيل” على حساب الشعب الفلسطيني.
في حين أكد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، أنه يتألم ككل الموريتانيين على ما يحصل في غزة. وأعلنت الحكومة الموريتانية الحداد لـ3 أيام، إثر جريمة قصف المستشفى المعمداني.
وأعربت المغرب عن إدانتها لقتل المدنيين من الطرفين، وذكرت وزارة الخارجية المغربية أن نهج الحوار والمفاوضات هو السبيل الوحيد لإيجاد حل للقضية الفلسطينية. فيما جاء هذا التصريح الرسمي، في الوقت الذي تشتعل فيه ميادين وساحات المغرب تضامناً مع غزة وتنديدا بجرائم الاحتلال الإسرائيلي.
أما مصر، الوسيط التاريخي بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، فقد أعلنت في اليوم الأول للمعركة إدانتها لأعمال القتل من الجانبين، وطالبت بوقف إطلاق النار وإعلان الهدنة. ومع تطور الموقف، لم تفتح مصر معبر رفح المُغلق في وجه سكّان قطاع غزة، كما رفضت فتحه لإخراج الرعايا الأجانب، واشترطت لذلك إدخال مساعدات إنسانية للقطاع.
شعبيا، ملأت الشعوب العربية الشوارع احتجاجا على قصف سكان قطاع غزة، ودعما للشعب الفلسطيني، وأطلقت حملات تبرعات لضحايا الحرب من الغزيين.
نظرة تاريخية للدور الإسرائيلي في القارة
منذ نشأتها، سعت إسرائيل إلى فتح علاقات دبلوماسية مع الدول الأفريقية. بالنسبة لإسرائيل، ترجع أهمية هذه العلاقات إلى حجم الكتلة الأفريقية في المجتمع الدولي وعدد أصواتها في المنظمات الدولية. ونجحت إسرائيل خلال خمسينيات القرن الماضي في بناء علاقات مع دول جنوب الصحراء، باستثناء العربية، منها: الصومال، جيبوتي.
انضمت إسرائيل لمنظمة الوحدة الأفريقية عضوا مراقبا، وحجزت لها مكانا بين الدول الإفريقية. وأقامت علاقات سياسية واقتصادية واجتماعية مع دول مثل رواندا وكينيا وإثيوبيا وغيرها.
ولم تكتف إسرائيل بعلاقات مع الدول، إنما حاولت تعزيزها لتشمل منظمات ولجان إقليمية أفريقية، حيث شارك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قمة أفريقية إقليمية مصغرة بشأن قضايا الأمن والإرهاب، وعُقدت عام 2016 في أوغندا بحضور رؤساء دول وحكومات كينيا ورواندا وإثيوبيا وجنوب السودان وزامبيا وملاوي.
كما حضر في العام التالي قمة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) رغم مقاطعة بعض الزعماء الأفارقة لهذه القمة.
نجحت إسرائيل في التوغل في القارة الأفريقية في السنوات القليلة الماضية، إذ أقامت علاقات مع السنغال وغينيا، بالإضافة إلى تشاد ومالي أصحاب الغالبية المسلمة، ودولتين عربيتين هما المغرب والسودان. ووافق رئيس الاتحاد الأفريقي على إعطائها عضوية في المنظمة، قبل تدخل الجزائر وجنوب أفريقيا وإيقاف العملية برمتها.
اهلا سهلا بكم
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي واجه “الإخوان المسلمين”
صواريخ تضرب تل أبيب وحزب الله يعلن استهداف “نقاط عسكرية حساسة
مجلس الحرب الصهيوني يريد وقف اطلاق النار في لبنان